المجلد 17

استعراض
مقالة وصول حر آليات التصنيف اللغوي بين علم اللغة المعرفي والنحو العربيّ(دار جامعة الملك سعود للنشر, 01/07/1996) لطيفة إبراهيم النجاريعدّ " التصنيف" إجراءً أساسياً في أي علم من العلوم، وهو في العلوم اللغوية من أهم الأدوات المنهجية التي يعتمدها الباحثون في وصف اللغة بمستوياتها المختلفة، ويعدّ في الوقت نفسه جزءا أساسيا من التفكير الإنساني، وله دور بارز في عمليات الإدراك، وفي فهم دلالات الأشياء والكلمات على حد سواء. وقد اهتم الدارسون بدءا بفلاسفة اليونان بوضع ضوابط تضبط آليات التصنيف بحيث تضمن صحة النتائج المتوخاة. وقد بقيت هذه الضوابط من المسلمات التي لم يلتفت إليها أحد للنظر في مدى صحتها وواقعيتها. إلا أنّ علم اللغة قدم من خلال الأبحاث والتجارب الميدانية التي تدرس آليات التفكير عند الإنسان أدلة قوية على أنّ الضوابط التي اعتمدها الدارسون في ضبط عمليات التصنيف لا تمت بصلة إلى ما يحدث واقعيا في ذهن الإنسان حين يقوم بتصنيف الأشياء، وأنّ عملية التصنيف في الذهن البشري تخضع لضوابط مختلفة تماما عن تلك التي يتمسك بها أتباع المدرسة الأرسطية.
وتأتي الضوابط التي يضعها علم اللغة المعرفي لآليات التصنيف عند الإنسان مشابهة إلى حدّ كبير ما اعتمده نحاة العربية في وصفهم الظاهرة اللغوية وتقعيد قواعدها. ولا يقول البحث بأسبقية النحاة في ذلك ولا يذهب إلى ذلك. ولكنه يقدم نتائج ما توصل إليه الباحثون في مقابل ما صرّح به نحاة العربية حينا أو صدروا عنه أحيانا كثيرة.