الأمن لدى قبائل الجزيرة العربية: نظام الدخل

يهدف هذا البحث إلى دراسة نظام الدخل الذي كان سائدًا في شبه الجزيرة العربية قبل خضوع القبائل الموجودة لحكومات مركزية. وكيف أن هذا النظام (الدخل)* كان يؤدي وظيفة اجتماعية تسهم في حفظ توازن المجتمع.<br> وقد اعتمد الباحث في جمع مادة هذه الدراسة على المنهج التاريخي، حيث جرى تتبع ما كتب عن هذه الظاهرة في الأدبيات من ناحية، ومن ناحية أخرى فقد نمت مقابلات مع بعض كبار السن الذين عايشوا هذا النظام في الماضي عندما كان سائدًا في مجتمعات وسط الجزيرة قبل انضواء هذه المجتمعات ضمن نطاق الحكومات القائمة.<br> وقد شملت الدراسة النقاط الآتية: <br> أولاً : تعريف النظام: حيث تمت مناقشة هذا النظام وهو عبارة عن طلب الإجارة لم ارتكب عملاً جنائًّيا من شخص آخر، هو المدُخل حتى تحل قضيته [ الجاني] مع المجنى عليه أو أقاربه وفقًا لأعراف المجتمع وعاداته. <br> ثانيًا: تقسيم أنواع الدخالة من حيث نوع الجناية: فهناك الدخيل المتقي وهو الشخص الذي قام بعمل معين يوجب الاقتصاص منه، وهناك الدخيل المتقاضي وهو الشخص الذي سبق أن أُعتدي عليه، ومن ثم قام بالانتقام من الشخص الذي اعتدى عليه أو أحد أقاربه ويخاف أن يُعتدى عليه مرة ثانية، وهناك الدخيل المعيب وهو الشخص الذي تكون جريمته مخلة بالشرف حسب عرف القبيلة.<br> ثالثًا: مدة الدخالة بعد قبول الدخيل، ينظر في حالته وتحدد المدة التي يستحقها حسب الأعراف القبلية السائدة، فقد تكون المدة القصيرة، وهي ما بين ثلاثة إلى ثمانية أيام. وقد تكون المدة ما بين سنة كاملة إلى سنة وشهرين، وقد تكون مدة الدخالة مدى حياة الدخيل أو إلى أن تحل القضية.<br> رابعًا: حقوق الدخيل وواجباته: أول حقوق الدخيل أنه يقبل كدخيل. كذلك يقوم الشخص المدخل بإكرامه، ولا يسمح لأحد أن يمسه بأذى مادام دخيلاً لدى الشخص المدخل. <br> خامسًا: تمت مناقشة وظيفة نظام الدخل في الماضي، وكيف أن هذا النظام، كأي نظام آخر، يؤدي وظيفة اجتماعية تساعد على حفظ توازن المجتمع القبلي في غياب السلطة المركزية، وكيف أن هذا النظام يتناسب تناسبًا عكسيًّا مع قوة سلطة الدولة، فكلما كان هناك سلطة مركزية قوية انحسرت وظيفة الدخالة والعكس صحيح. <br><br>*يعرف الدخل في اللغة العربية بالإجارة. <br>