المكان العدائي وهروب الشخصية
مجلة الأدب
- إجمالي المشاهدات إجمالي المشاهدات0
- إجمالي التنزيلات إجمالي التنزيلات0
التاريخ
المؤلفين
الناشر
King Saud University Press
أ
يدرس هذا البحث محاولة هروب الشخصية من الواقع المحيط بها والمتمثل في مدينة" المكحول" التي يسيطر عليها " القانوط" سيطرة تامة جعلت سكانها يفضلون عليها النفي الاختياري أو الانتحار للتخلص من ضغطها على أحلامهم وآمالهم ؛ ويتوسل السرد للتعبير عن ذلك بلغة مميزة ترتبط بالسياق الاجتماعي الخاص ببيئة الرواية التي تبدو أسطورية، لكنها مع ذلك تحمل في ذاتها دلالات ارتباطها بالواقع المحلي. و قد درست الباحثة الروایة علی ثلاثة مستویات هاي : مستوی الکان، مستوی الشخصیات، مستوی تیار الوعي، وحاولت عبر هذه المستويات الثلاثة، وبالتحليل النصي الشامل الذي يربط النص بالسياق الاجتماعي للمكان، أن تبين تمثلات الشخصية الرئيسة للواقع وأسباب هروبها منه. يؤدّي المكان وظيفة إيديولوجية وذلك باتخاذه وسيلة تعبير عن الواقع الاجتماعي والطبقي للشخصيات ومدخل تشخیص الشاکله و قضایاه. ف "الکحول یشکل الشخصیات التي تقیم به، اذ الکان غني بفضاءات مفتوحة بعیدا عن النمطية الرتيبة مع المحافظة على القيمة العليا للنص جنسا سرديا متماسكا، ويبدو في النص دور آخر للسارد يرتبط بالرؤية السياسية وبالهروب من الواقع والمدينة معاً؛ فالسبيل لأبناء البادية وأبناء القرية الذين يعيشون في هذه المدينة الموبوءة التي يسيطر عليها "القانوط" وأعوانه هو الهجرة الفعلية أو الموت. فبالنسبة للسارد فإن نوبات الإغماء تضمن له البوح بالأحلام التي لم يستطع تحقيقها في الواقع. أما سائر الشخصيات فإنّ السرد لم يهتم بوصفها نفسياً، على خلاف التعمق في وصف الشخصية الرئيسة أسعدالحبي" وشخصية "القانوط" اللتين يقوم عليهما السرد كله. ويأتي تيار الوعي ليفسر العالم الداخلي للشخصية ؛ فشخصية "سعد الحبي" شخصية غير عادية ؛ بل هي شخصية ذات حساسية خاصة ؛ يمكن تمثيلها بمصاب البارانويا، وهو مرض نفسي يسبب شعورًا بهلوسات محكمة عن اضطهاد يأتي في شكل صور قهرية يقدمها الوعي الداخلي، ويقوم "فراس" أو مرض الصرع بدور بارز في السير بسعد إلى خط النهاية، كل ذلك عبر التوجه الحواري الذي ينتظم المستويات الثلاثة ويسير بالرواية نحو التماسك النصي.