المجلد 03

استعراض
مقالة وصول حر الفصحى بين نظريتين (1) : نظرية القدماء، ونظرية المحدثين (موازنة ومناقشة)(دار جامعة الملك سعود للنشر, 01/07/1991) حسن عيسى أبو ياسينتعنى هذه الدراسة بجمع ما تفرق من آراء القدماء والمحدثين حول تاريخ نشأة الفصحى وتكوينها وتجعل ذلك في إطار نظريتين، نظرية المحدثين عند طه حسين، وشوقي ضيف، ومصطفى صادق الرافعي، وإبراهيم أنيس؛ نظرية القدماء حيث عرضت فيها العديد من النصوص التي تشكل في مجموعتها تصورهم لنشأة هذه الفصحى وتكونها. ثم خلصت هذه الدراسة إلى معالجة الجوانب الآتية: 1- الموازنة بين النظريتين؛ 2- مناقشة قضيتين رئيستين بموضوع نشأة الفصحى وتكونها وهما قضية الإعجاز البياني في القرآن الكريم، وأولية الشعر الجاهلي وارتباطها بتاريخ تكون الفحى. وقد زودت هذه الدراسة بشروح ضافية تفسر مصطلحاتها التي وردت فيها.
ـــــــــــــــــــــــ
(1)أولاً: الفصيح والفصاحة: (جاء في اللسان/فصح): الفصاحة: البيان والكلام الفصيح: البليغ، ولسان فصيح: طلق، والفصيح في اللغة: المنطلق اللسان في القول الذي يعرف جيد الكلام من رديئه وأنشد لنفلة السلمي:
رأوه فأزدروه وهو خِرْق وينفع أهله الرجـل الفصيح
فلم يخشوا مصالته عليهم وتحت الرغوة اللبن الفصيح
وجاء في التاج (فصيح): الفصح والفصاحة: البيان. قال أئمة المعاني والبيان: حيث ذكر أهل اللغة الفصاحة فمرادهم كثرة الاستعمال.
وفي كلا المصدرين فائدة فما في اللسان دليل على أن الفصيح من الألفاظ هو ما خلا من الشوائب (وتحت الرغوة اللبن الفصيح) فرغوة اللبن تعلق بها كل شوائبه فيصير ما تحتها لبنا صافيا خاليا من كل شائبة، وكذا الكلام الفصيح يعلق برغوته كل مستقبح ومستبشع من الألفاظ ومن هنا ارتقعت قريش في الفصاحة عن عنعنة تميم وتلتلة بهراء وكشكشة هوازن وتضجع قريش نفسها وعجرفية ضبة.
وما في التاج دليل آخر على أن الفصحى هي ما توافق ألفاظها المقياس المقرر في اختيار الأفصح من الألفاظ كما بينه النص الثاني فقول الزبيدي ((فمرادهم كثرة الاستعمال)) تفسير لما ورد في النص الذي يتصل ببيان عناصر وخصائص اللفظ الفصيح، إذ من بينها أن يكون اللفظ من أكثر الألفاظ الواقعة فيه شيوعا وانتشاراً ولعل الزبيدي قصد إلى هذا حين عيَّن الفصيح بكثرة الاستعمال.