المجلد 03

استعراض
مقالة وصول حر حكايات كانتربيري والإطار القصصي التقليدي العربي(دار جامعة الملك سعود للنشر, 01/01/1991) كاثيرين سلاتر جيتيزإن الأقوال التي تصف حكايات كانتربيري بأنها ذات تنظيم ضعف أو ليس بها أي نوع من التنظيم هي نتائج لوجهة النظر التي تصر على أن كل الفنون الجيدة تحتوي على وحدة داخلية. وهذا النوع من التفكير يتجاهل الوجود الهامشي للوسائل التنظيمية الأفقية والداخلية: مثل موضوع الترحال والحكاية الأطرية نفسها والضمير ((أنا)) للشخصية الموجودة لتشوسر الحاج وتشوسر شاهد العليان والأفكار الرئيسة مثل الحكمة الدنيوية. فالتماسك الفني في حكايات كانتربيري يختلف عن ذلك كما تختلف عنه الكثير من فروع الأدب (أدب القرون الوسطى) الغربي لأن عناصر تشوسر الفنية لا تضع حدوداً على الشكل أو المحتوى أو لا تنتهي أبداً. إن هذا التحرير من أية حدود يُحول التركيز القصصي إلى الحجاج أنفسهم، وإلى الحكايات التي يروونها، لا إلى أدوارهم في مسرحية درامية كبيرة. وعلى الرغم من أن الحكاية الأطرية تظل مهمة إلا أن كل راوٍ وكل حكاية تكون وحدة منفردة وذات فائدة في حد ذاتها يجب النظر إليها من هذا المنطلق. ولعل أغرب صفة للحكاية الأطرية في القرون الوسطى هي صفة (اللانهائية) وذلك لأن حبكات معظم الحكايات الأطرية ذات نهايات مفتوحة. إن فكرة البنية (اللانهائية) تؤلف عقبة صعبة الاجتياز للقراء الغربيين الذي يقرأون الحكايات المؤطرة وذلك لأنهم جُلبوا على الاعتقاد بأن أي عمل أدبي يجب أن يكون له تنظيم داخلي مقيد داخل بنية مغلقة.
إن الفضل يعود للعرب في اختراع الحكاية المؤطرة وتطويرها، ولكن تشوسر أوصلها إلى الكمال. إن رؤية حكايات كانتربيري من وجهة نظر عربية لم يقصد منه أن تشوسر لم يكن مدينا للثقافة الغربية، أو قُصد التقليل من موهبته الإخبارية الفذة. لكن تظل الحقيقة ثابتة بأن الأسلوب عمل به أدى دوراً في شكل حكايات كانتربيري وتصميمها, وعندما نأخذ ذلك بعين الاعتبار، يجب ألا نفرض على حكايات كانتربيري صفات في الشكل والتصميم هي غريبة على تقليدها، ذلك التقليد الذي لم ينشأ أصلاً في القرى الأوروبية بل نشأة في تلك الأطلال البدوية البعيدة.